منوعات

فنانون يتصدون لبرامج الذكاء الاصطناعي قضائيا وتكنولوجيا

تحبط تقنية الذكاء الاصطناعي الفنانين الذين يحتاجون إلى سنوات من الممارسة وساعات طويلة من الجهد المتواصل لينجزوا عملا ما، بينما تستغرق برامج الذكاء الاصطناعي ثوان لابتكار أي عمل… إلا أنهم لم يتخذوا بعد موقفا نهائيا من هذه التقنية، لا عبر الانترنت ولا قضائيا .

أدرك الفنانون، في الصيف الفائت، أن برامج الذكاء الاصطناعي التي توصف بـ”التوليدية”، بات بإمكانها أن تنتج عند الطلب رسما لكلب بأسلوب رسامة الشرائط المصورة الأميركية سارة أندرسن” أو صورة لحورية على طريقة كارلا أورتيز.

وتستخدم برامج الذكاء الاصطناعي أعمالا لفنانين من دون الحصول على موافقتهم أو نسب هذه الأعمال لهم أو تعويضهم ماديا، وهي أمور أساسية تتمحور عليها معركتهم ضد هذه البرامج الشائعة.

وشعرت سارة أندرسن، وهي من بين المدعين، بأنها تعرضت لـ”ضرر شخصي” عندما رأت رسما أنتج باسمها.

وانتشر رد فعلها الغاضب، الذي عبرت عنه عبر تويتر بصورة كبيرة في المنصة، مما دفع فنانين آخرين للتواصل معها. وتقول “نأمل في التوصل إلى سابقة قضائية وإجبار الشركات المتخصصة في الذكاء الاصطناعي على احترام القواعد”.

ويرغب الفنانون تحديدا في أن يؤخذ برأيهم قبل أن تستخدم برامج الذكاء الاصطناعي أعمالهم، فإما أن يقبلوا ذلك أو يرفضونه، لا أن يطالبوا بإزالة هذه الأعمال عندما يكون ذلك ممكنا .

وتشير كارلا أورتيز، وهي مدعية أخرى في القضية، إلى إمكانية اعتماد “نظام معين من التراخيص، لكن فقط في حال كانت الرسوم مناسبة”. وتشدد الرسامة التي عملت لصالح استوديوهات “مارفل”، على أن “تلقي الفنانين مبالغ محدودة بينما تحص ل الشركات الملايين” مسألة غير واردة.

ويروي فنانون عبر مواقع التواصل كيف خسروا عقود عمل كثيرة.

ويقول جايسون ألن، في حديث إلى صحيفة “نيويورك تايمز” في شتنبر 2022 بعدما فاز عن صورة أنشأها برنامج “ميدجورني” في إحدى المسابقات، إن “الفن انتهى وفاز الذكاء الاصطناعي. لقد خسر البشر”.

ويعرض متحف ماوريتشويس في لاهاي صورة ابتكرت استنادا إلى تقنية الذكاء الاصطناعي للمشاركة في مسابقة للأعمال المستوحاة من لوحة “الفتاة ذات القرط اللؤلؤي”، للرسام الهولندي يوهانس فيرمير.

من جانبها، أثارت فرقة سان فرانسيسكو للباليه الجدل عقب استخدامها في دجنبر برنامج “ميدجورني” في إحدى حملات الترويج الخاصة بها.

وتقول سارة اندرسن بنبرة غاضبة إن هذه البرامج “سهلة ورخيصة، لذلك لا تتردد المؤسسات في استخدامها، حتى لو كانت غير متماشية مع المبادئ الأخلاقية”.

ولم ترد مجموعة من الشركات بعدما حاولت وكالة فرانس برس التواصل معها، إلا أن رئيس شركة “ستابيلياي ايه آي” عماد مستاك يقارن هذه البرامج بأدوات بسيطة كالـ”فوتوشوب”. ويشدد على أن برامج الذكاء الاصطناعي تتيح “لملايين الأشخاص أن يصبحوا فنانين” و”تنشئ عددا كبيرا من الوظائف الإبداعية”، مؤكدا أن استخدامها بطريقة “غير أخلاقية أو قانونية” هو “مشكلة” يتحمل مسؤوليتها المستخدمون ولا علاقة للتكنولوجيا بها.

وستطالب الشركات بمشروعية تطبيقها مصطلح “الاستخدام العادل” القانوني، وهو كبند استثنائي لحقوق الطبع والنشر، على ما يوضح المحامي والمطور ماثيو بتريك. ويضيف إن “الكلمة السحرية هي +تحويل+. هل يقدم نظام الشركات شيئا جديدا أم أنه يوفر نموذجا يحل مكان الأصلي في السوق؟”.

وماثيو بتريك هو إلى جانب شركة جوزيف سافيري للمحاماة، وكيل الدفاع عن الفنانين، لكنه يتولى الدفاع عن مهندسين في دعوى قضائية أخرى ضد برنامج لـ”مايكروسوفت”.

ويتم اللجوء أيضا إلى التكنولوجيا لمحاولة التصدي لبرامج الذكاء الاصطناعي.

وتلبية لدعوة الفنانين بإنقاذ الوضع، أطلق مختبر في جامعة شيكاغو أخيرا برنامجا يتيح نشر أعمال عبر الإنترنت، مع إمكانية حمايتها من برامج الذكاء الاصطناعي.

ويضيف البرنامج المسمى “غلايز” بيانات معينة إلى الصورة تكون غير مرئية للعين المجردة، لكنها “تشوش البرامج”، بحسب الطالب المسؤول عن المشروع شون شان.

ولاقت هذه المبادرة ردود فعل مختلفة، فمنهم من أبدى حماسة لها بينما أظهر البعض تشكيكا بها.

ويقول ماثيو بتريك إن “الأمر يعود إلى الفنانين بتبني هذا البرنامج أم رفضه”، مضيفا أن “ذلك سيكون بمثابة لعبة القط والفأر بين الشركات والباحثين”.

ويبدي باتريك خشيته من أن ينتاب الجيل المستقبلي إحباط. ويضيف “أعتقد أن الذكاء الاصطناعي يكون قد انتصر على البشر عندما يستسلم هؤلاء ويحجمون عن الإبداع”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *