الذكرى 49 للمسيرة الخضراء .. ملحمة خالدة في مسار تحقيق الوحدة الترابية
يحتفل الشعب المغربي، غدا الأربعاء، بالذكرى الـ49 للمسيرة الخضراء المظفرة التي جسدت، باعتبارها ملحمة تاريخية، أروع صور التلاحم بين العرش العلوي المنيف والشعب المغربي الوفي من أجل استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية المقدسة.
وذكرت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، في بلاغ لها، أنه ” بكل مظاهر الاعتزاز والإكبار، وفي أجواء الحماس الوطني الفياض والتعبئة المستمرة واليقظـة الموصولة حول قضيتنا الوطنية الأولى، قضية الوحدة الترابية المقدسة، يخلد الشعب المغربي ومعه أسرة المقاومة وجيش التحرير، يوم الأربعاء 6 نونبر 2024، من طنجة إلى الكويرة، ذكرى من أغلى وأعز الذكريات الوطنية المجيدة في مسلسل استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية”.
وأبرزت المندوبية “أنها الذكرى 49 للمسيرة الخضراء المظفرة التي أبدعتها عبقرية الملك الموحد، جلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه، وانطلقت فيها جماهير المتطوعين من كل فئات وشرائح المجتمع المغربي، ومن سائر ربوع الوطن في مثل هذا اليوم من سنة 1975، بنظام وانتظام، في اتجاه واحد صوب الأقاليم الصحراوية المغربية لتحريرها من براثن الاستعمار الإسباني، بقوة الإيمان وبأسلوب حضاري سلمي فريد من نوعه، أظهر للعالم أجمع صمود المغاربة وإرادتهم الراسخة في استرجاع حقهم المسلوب وعزمهم وإصرارهم على إنهاء الوجود الأجنبي والتسلط الاستعماري، بتماسكهم والتحامهم قمة وقاعدة”.
وقد حققت المسيرة الخضراء المظفرة أهدافها وحطمت الحدود المصطنعة بين أبناء الوطن الواحد، سلاحها كتاب الله، والذود عن حمى الوطن وحياضه، والتمسك بالفضيلة وبقيم السلم والسلام في استرداد الحق المسلوب والدفاع عنه.
وهكذا، أظهرت المسيرة الخضراء للعالم أجمع، بالحجة والبرهان، مدى التلاحم الذي جسدته عبقرية ملك مجاهد وشهامة شعب وفي وتصميم كافة المغاربة من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال على استكمال استقلالهم الوطني وتحقيق وحدتهم الترابية، وأن سلاحهم في ذلك يقينهم بعدالة قضيتهم وتجندهم وتعبئتهم للدفاع عن مقدساتهم الدينية وثوابتهم الوطنية والذود عن حوزة التراب الوطني المقدس.
وأضافت أن المغرب قدم جسيم التضحيات في مواجهة الاحتلال الأجنبي الذي جثم بثقله على التراب الوطني قرابة نصف قرن، وقسم البلاد إلى مناطق نفوذ موزعة بين الحماية الفرنسية بوسط المغرب، والحماية الإسبانية بشماله، والنفوذ الاستعماري على أقاليمه الجنوبية، فيما خضعت منطقة طنجة لنظام حكم دولي.
وقد بذل العرش والشعب تضحيات كبرى ورائعة في غمرة كفاح وطني متواصل الحلقات لتحقيق الحرية والاستقلال والوحدة والخلاص من ربقة الاستعمار، إلى أن تحقق النصر المبين والهدف المنشود بانتصار الشرعية والمشروعية التاريخية وعودة بطل التحرير والاستقلال والمقاوم الأول جلالة المغفور له محمد الخامس والأسرة الملكية الشريفة من المنفى إلى أرض الوطن، مظفرا منصورا في 16 نونبر 1955، حاملا لواء الحرية والاستقلال والسيادة الوطنية، وداعيا رحمه الله لمواصلة الجهاد الأصغر بالجهاد الأكبر من أجل بناء وإعلاء صروح المغرب الجديد الناهض والمتقدم.
ولم يكن انتهاء عهد الحجر والحماية إلا بداية لملحمة الجهاد الأكبر الاقتصادي والاجتماعي وإعلاء صروح الوطن، الذي كان من أولى قضاياه تحرير ما تبقى من تراب المملكة من نير الاحتلال. وفي هذا المضمار، كان انطلاق عمليات جيش التحرير بالأقاليم الجنوبية سنة 1956 لاستكمال الاستقلال الوطني وتحرير الأجزاء المغتصبة من التراب الوطني، واستمرت مسيرة التحرير بقيادة بطل التحرير والاستقلال والمقاوم الأول جلالة المغفور له محمد الخامس رضوان الله عليه، بعزم قوي وإرادة صلبة ليتحقق استرجاع إقليم طرفاية في 15 أبريل 1958.
وواصلت المملكة في عهد جلالـة المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه، مسيرتها النضالية باسترجاع مدينة سيدي إفني (30 يونيو 1969)، وتكللت بالمسيرة التاريخيـة الكبرى (6 نونبر 1975) التي جسدت عبقرية الملك الموحد الذي استطاع بأسلوب حضاري سلمي وفريد يصدر عن قوة الإيمان بالحق وبعدالـة القضية الوطنية، استرجـاع الأقاليـم الجنوبية، وكان النصر حليف المغاربة، وارتفعت راية الوطن خفاقة في سماء العيون في 28 فبراير 1976، إيذانـا بانتهـاء فترة الاحتـلال والوجود الأجنبي بالصحراء المغربية، وتلاها استرجـاع إقليم وادي الذهب في 14 غشت 1979.
وتواصلت ملحمة صيانة الوحدة الترابية، بكل إيمان وعزم وإصرار، لإحباط مناورات خصوم الوحدة الترابية. وها هو المغرب اليوم، بقيادة باعث النهضة المغربية، صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، يقف ثابتا وصامدا في الدفاع عن حقوقه المشروعة، مبرزا بإجماعه التام استماتته في صيانة وحدته الترابية، ومؤكدا للعالم أجمع من خلال مواقفه الحكيمة والمتبصرة إرادته القوية وتجنده الموصول دفاعا عن مغربية صحرائه، ومبادرته الجادة لإنهاء النزاع الإقليمي المفتعل بالمنطقة المغاربية الذي طال أمده جراء تعنت وعناد خصوم الوحدة الترابية والمناوئين لحقوق المغرب الثابتة على أراضيه المسترجعة.
وأبرزت المندوبية أن “أسرة المقاومة وجيش التحرير، وهي تستحضر بفخر واعتزاز هذه الملحمة التاريخية الغنية بالدروس والعبر والطافحة بالدلالات والمعاني والقيم، لتجدد موقفها الثابت من قضية وحدتنا الترابية بالتأكيد على مغربية الصحراء، والإعلان عن وقوفها ضد مناورات خصوم وحدتنا الترابية ومخططات المتربصين بسيادة المغرب على كامل ترابه المقدس الذي لا تنازل ولا مساومة في شبر منه، والتعبئة المستمرة والتجند الموصول لسائر فئات وشرائح المجتمع والقوى الحية والشعب المغربي قاطبة وراء صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله من أجل الترافع على قضيتنا الوطنية الأولى، قضية الوحدة الترابية”.
واحتفاء بهذا الحدث التاريخي المجيد بما يليقُ به من مظاهر الاعتزاز والإكبار، وإبرازا لدلالاته الرمزية وقيمه النّبيلة وإشاعة لمواقف الوطنية الحقة والمواطنة الإيجابية والسلوك المدني في أوساط الناشئة والشّباب والأجيال الجديدة، ستنظم المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، بعد غد الأربعاء بالفضاء الوطني للذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير التابع لها بالرباط، مهرجانا خطابيا وندوة فكرية ستلقى خلالهما كلمات وعروض وشهادات حول هذا الحدث التاريخي.
وسيتم، بالمناسبة، تكريم صفوة من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، جريا على التقليد الموصول، وترسيخا للسنة المحمودة، برورا وعرفانا بهذه الصفوة الخيرة التي أخلصت للوطن وأعطت وأسدت وضحت ذودا عن حريته واستقلاله ووحدته الترابية.
كما ستنظم المندوبية، يوم السبت المقبل، بكل من طرفاية والعيون، مهرجانين خطابيين ولقاءين تواصليين ستلقى خلالهما كلمات وشهادات للإشادة بفصول هذه الملحمة البطولية وإبراز مكانتها المتميزة في تاريخنا الوطني الطافح بروائع النضالات من أجل الحرية والاستقلال والسيادة الوطنية واستكمال الوحدة الترابية، وتكريم صفوة من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وتوزيع إعانات مالية على عدد من أفراد هذه الأسرة الجديرة بموصول الرعاية والعناية.
وأشارت المندوبية إلى أنه ستقام في سائر جهات وعمالات وأقاليم المملكة أنشطة وفعاليات بالمناسبة، ستشرف عليها النيابات الجهوية والإقليمية والمكاتب المحلية وفضاءات الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير، من ندوات ومحاضرات، بما فيها عرض إصدارات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وكذا تنظيم زيارات لفائدة الفئات العمرية على اختلافها، لفضاءات الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير البالغ تعدادها 104 وحدة-فضاء، مفتوحة عبر ربوع التراب الوطني.