مجتمع

حفل تأبيني بمناسبة الذكرى الأربعينية لرحيل الفقيد أحمد حرزني

احتضنت المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، يوم أمس الجمعة، حفلا تأبينيا بمناسبة الذكرى الأربعينية لرحيل الفقيد أحمد حرزني، الرئيس السابق للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وذلك بحضور شخصيات سياسية وحقوقية وإعلامية بارزة، إلى جانب عدد من أفراد عائلة الراحل وأصدقائه.

وتميز هذا الحفل، الذي نظمته عائلة الفقيد والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، بتلاوة برقية التعزية والمواساة التي بعثها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى أفراد أسرة المرحوم الأستاذ أحمد حرزني.

وفي كلمة باسم عائلة الفقيد، توقفت كريمة الزهري، أرملة الراحل، عند أبرز المحطات النضالية والسياسية والحقوقية والفكرية التي ميزت مساره، مستحضرة سمات مسيرته المهنية الأصيلة ونزاهته الفكرية في خدمة الحقل الحقوقي والجمعوي بالبلاد.

كما تناولت الخصال الإنسانية الرفيعة التي كان يتحلى بها الفقيد من قبيل “تبني الاعتدال والاتزان كنهج أخلاقي في الحياة”، فضلا عن التحلي بروح المسؤولية والتعاون في التعامل مع الآخر.

من جهتها، قالت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، آمنة بوعياش، إن الراحل حرزني يعد “أحد رموز النضال الحقوقي وواحدا من أعمدة الفعل الحقوقي بالمغرب والعدالة الانتقالية”.

وأضافت أن “محطات مساره النضالي والسياسي والحقوقي والفكري تعددت دون أن يحيد عن الدفاع عن الحق والحرية والعدل والمساواة والكرامة واحترام المؤسسات وسيادة القانون”، مبرزة انخراطه اللامشروط في قضايا حقوق الإنسان والمجتمع.

وبهذه المناسبة، قال المندوب الوزاري السابق المكلف بحقوق الإنسان، المحجوب الهيبة، في كلمة له، إن الراحل أحمد حرزني “كان رجلا صادقا في أفكاره ووجهات نظره وكذلك في رؤيته لمختلف الأمور والقضايا، سواء تلك المتعلقة بالسياسات العمومية وحتى في مجمل علاقاته الإنسانية”، مبرزا أن فكر الراحل طالما “تميز بالصفاء والغزارة والخلو من الشوائب”.

وبعد أن ذكر بمختلف المحطات والمواقف التي جمعته بالراحل، لاسيما على مستوى العمل الحقوقي، سلط الهيبة الضوء على صفات أخرى طبعت شخصية الراحل أحمد حرزني من “صبر وتسامح وجدية وعطاء في سبيل خدمة الوطن”.

من جانبه، أكد السفير الممثل الدائم للمغرب في جنيف، عمر زنيبر، في كلمة مسجلة، أن الراحل “كان شخصية استثنائية ساهمت بشكل فريد في تحقيق المصالحة والنهوض بأوضاع حقوق الإنسان في بلادنا، خاصة من خلال تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة (..)”، مضيفا أن مسار أحمد حرزني يتميز أيضا بمعاصرته لمراحل وفترات هامة من تاريخ المغرب الحديث.

وسجل زنيبر أن الحقوقي الراحل مشهود له كذلك ب”الفصاحة اللغوية والأسلوب الحجاجي المبهر واللذين يستمدهما من تجربته وخبرته الغنيتين، وهو ما منحه القدرة على شد انتباه مخاطبيه وإقناعهم في الحوار والتبادل”.

أما عبد الحي المودن، عضو سابق في هيئة الإنصاف والمصالحة وفي المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، فتوقف عند مجموعة من الخصال التي تميز بها الراحل أحمد حرزني، بما في ذلك “الصبر والصدق والجدية والصرامة في مواقفه وفي علاقاته الإنسانية”.

وبعد أن تحدث عن فترة اشتغالهما معا ضمن تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة وكذا المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان لمدة خمس سنوات، شدد المودن على أن الفقيد عرف ب”روح التوافق والتفاهم في التعاطي مع مختلف القضايا والملفات المثيرة للنقاش والجدل”.

وبالنسبة لأحمد بايا، وهو عضو سابق في المجلس الأعلى للتعليم، فاعتبر أن الراحل أحمد حرزني كان، خلال فترة توليه منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للتعليم سنة 2006، “فاعلا أساسيا في ورش إصلاح المنظومة التربوية، كما عرف باعتماد مقاربة شمولية في التعاطي مع ملف إصلاح التعليم لما لهذا القطاع الحيوي من كبير الأثر على المستقبل التنموي لبلادنا”.

وشدد بايا على أن الراحل كان “يحمل بحق هم النهوض بمستقبل المدرسة المغربية” وذلك من منطلق أن إصلاح التعليم وتأهيل المنظومة التربوية هو أحد أسس تحقيق الانتقال الديموقراطي، مشيرا إلى أن الراحل عرف كذلك ب”حسه التشاركي والتوافقي وبإيمانه الراسخ بمبدأ التكافؤ في حق الولوج إلى التعليم”.

واستحضرت باقي الشهادات، خلال هذا الحفل، العديد من الخصال الإنسانية والمهنية العالية الذي كان يتحلى بها الراحل سواء على مستوى النضال والعمل الحقوقيين، أو في مختلف المواقع والمناصب التي شغلها قيد حياته، وكذلك على مستوى علاقاته الإنسانية.

وبهذه المناسبة، تم عرض شريط وثائقي حول حياة الفقيد أحمد حرزني، تضمن، على الخصوص، شهادات لفاعلين حقوقيين وإعلاميين ومؤرخين، وعدد من أفراد أسرة الراحل وأصدقائه.

كما تم الإعلان عن إصدار كتاب بالفرنسية بعنوان “مذكرات السجن.. الماركسية والأديان والواقع المعاصر” للراحل أحمد حرزني، بدعم من المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وتخصيص مداخيله لجمعية مرضى السرطان، حسب رغبة عائلة الفقيد.

يشار إلى أن الراحل حرزني، المزداد سنة 1948 بجرسيف، والحاصل على شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا من جامعة كنتاكي بلكسنتون بالولايات المتحدة (1994)، كان قد شغل العديد من المهام، من بينها رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في الفترة ما بين 2007 ومارس 2011، وهو التاريخ الذي أصبحت فيه هذه المؤسسة تحمل اسم المجلس الوطني لحقوق الإنسان.

وبدأ الفقيد مساره المهني كأستاذ للتعليم الإعدادي من أكتوبر 1971 إلى 1986، ثم باحثا بالمعهد الوطني للبحث الزراعي بسطات من يونيو 1986 إلى غشت 1995، ثم بالرباط وسطات من 1997 إلى أكتوبر 2006 ، فأستاذا بجامعة الأخوين بإفران من شتنبر 1995 إلى دجنبر 1996. وفي نونبر 2006، عينه صاحب الجلالة أمينا عاما للمجلس الأعلى للتعليم.

وخلال توليه مهمة رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، أشرف الراحل، الذي أصدر عدة مقالات تحليلية وكتب، على مهمة تتبع تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *