“باربي” في السينما.. عملية تجميل لصورة الدمية
وأبقيَ عنصر المفاجأة محيطاً بالفيلم المرتقب الذي يبدا عرضه وسط إضراب الممثلين في هوليوود، وهو يتوجه إلى جمهور من المراهقين والبالغين.
وتداول مستخدمو الشبكات الاجتماعية بكثافة المشاهد الأولى للفيلم الذي تؤدي فيه مارغو روبي دور باربي، فيما يجسّد راين غوسلينغ دور صديقها كِن.
وتتولى الممثلة التي شاركت في فيلم “وولف أوف وول ستريت” وأخيرا في “بابيلون”، تجسيد الدمية الشقراء الشهيرة. وفي أحد مقاطع الفيديو الترويجية، استعاضت عن كعبها العالي التقليدي بصندل “بيركنستوك” تعبيراً عن ابتعادها عن عالم “باربي لاند” المثالي للنزول إلى أرض واقع الحياة العصرية.
ويحفل الفيلم بمشاهد لافتة بصرياً، ومنها مثلاً راين غوسلينغ عاري الصدر مرتدياً معطفاً من الفرو أو متدحرجاً على مزلقة، ومارغو روبي تقود سيارة باربي مصنوعة بالكامل من البلاستيك أو تقفز من سطح بيت الدمى، أو الاثنان على لوحي تزحلق أصفرين على شاطئ كاليفورنيا… ومن شأن تنوع فريق الممثلين في الفيلم أن يستقطب جمهوراً ينتمي إلى أجيال مختلفة.
فعميدة السن هيلين ميرين (الراوية) تمثّل إلى جانب إيما ماكاي (في دور باربي الحائزة جائزة نوبل في الفيزياء) أو النجمة دوا ليبا (حورية البحر باربي، التي ألهمت أغنيتها “دانس ذي نايت” إحدى تصاميم الرقصات).
وقالت مارغو روبي لوكالة فرانس برس وهي تسير على السجادة الحمراء خلال العرض الأوروبي الأول للفيلم في لندن، إن هذا العمل “ممتع ومضحك جداً”.
لكن روبي، هي أيضاً مُنتجة مشارِكة، رأت أنه أيضاً “ذكي جدأً، ولديه الكثير ليقوله”، ولاحظت أنْ “ما مِن فيلم آخر يشبه هذا”. وفيما تُبرِز الشركة المصنّعة البُعد النسائي التحرري الذي تمثله باربي، مركّزة على مجموعة المهن التي تزاولها، ومنها مضيفة جوية وجراحّة ورائد فضاء وسوى ذلك، يرى فيها منتقدوها رمزاً للقوالب الجمالية التقليدية ولهاجس النحافة.
أما مخرجة الفيلم غريتا جيرويغ فترى أنها “كانت في بعض النواحي سابقة للثقافة السائدة، في حين كانت متأخرة في جوانب أخرى”، لكنّها “شكّلت موضوعاً للنقاش منذ 64 عاماً”.
ويساهم هذا الفيلم الذي يُتوقع أن يحقق نجاحاً جماهيرياً واسعاً هذا الصيف في تسليط الأضواء بشكل غير مسبوق على هذه المخرجة والممثلة البالغة 39 عاماً، الآتية من السينما المستقلة، والتي برزت في الفيلم الكوميدي “فرانسيس ها” عام 2012.
وبفضل تعاونها في الكتابة مجدداً مع مخرج “فرانسيس ها” و”ماريدج ستوري” شريك حياتها نوا بومباك، تُواصل جيرويغ مسيرتها التصاعدية. فبعدما اقتبست عام 2020 رواية “ليتل ويمن” سينمائياً في فيلم من بطولة إيما واتسون وفلورنس بيو، ستعمل قريباً على اقتباس رواية أخرى للشاشة الكبيرة هي “ذي كرونيكلز أو نارنيا” يُعرض عبر “نتفليكس”.
أما شركة “ماتيل” للألعاب التي تصنع دمى باربي، فيأتي الفيلم في الوقت المناسب لإنعاش صورة دميتها، وجَعلها مصدر إلهام لمفهوم “قوة الفتاة” في مرحلة تتكثف فيها الانتقادات للنظام الأبوي ولثقل الأعراف وللتمييز على أساس الجنس.
وأصبحت باربي التي أُطلقت قبل 64 عاماً إحدى أكثر الألعاب مبيعاً في العالم. لكنّ عالمها يبدو أيضاً بعيداً من التطلعات إلى محاربة القوالب النمطية المتعلقة بالنوع الاجتماعي، وإلى مزيد من التنوع. واللوحة بالتالي ليست وردية تجارياً، إذ تراجعت مبيعات قسم الدمى في شركة “ماتيل” بنسبة 9 في المئة عام 2022.
ومن هذا المنطلق، لم تعد باربي تقتصر على نموذج الفتاة البيضاء البشرة والشقراء الشعر الذي طبعها حصرياً طوال عقود، ولم تعد مقاساتها البدنية مثالية لا تمتلكها فعلياً إلا قلة من النساء في المجتمع البشري، بل خضع عالم باربي لعملية تجميل كبيرة منذ عام 2016، فأكثرت الشركة من نماذج باربي التي تعبّر عن التنوّع والاختلاف، ومنها الممتلئة والقصيرة القامة والفارعة الطول. وباتت التشكيلة اليوم تضم الآن أكثر من 175 نموذجاً مختلفاً.