خبراء: الدار البيضاء مرجع هام وغني بالنسبة لشمال إفريقيا في مجال التأريخ
وأضاف محب خلال ندوة نظمتها مؤسسة المدى حول موضوع ” أصول الاستيطان البشري في المغرب”، أنه من خلال خاصياتها الجيولوجية، تقدم مدينة الدار البيضاء فكرة عن التأريخ والتاريخ بشمال إفريقيا، كما تمكن من رصد تطور الحياة البشرية بالمغرب.
وأوضح المدير المشارك للبرنامج المغربي الفرنسي للبحوث الأثرية، أن الدار البيضاء تمكننا من تتبع التكوينات الجيولوجية من المستوى صفر (مستوى البحر) إلى مستوى 200 متر ( بالنسبة لمستوى البحر)، مبرزا أن الدار البيضاء استطاعت تسجيل هذا التطور منذ 6 ملايين سنة إلى اليوم. كما سلط الباحث الضوء على الاكتشافات الأثرية بالمواقع التي تجري بها الأبحاث العلمية بالدار البيضاء.. ويتعلق الأمر بمغارة طوما 1 ومغارة وحيدي القرن بمقلع أولاد حميدة 1، وموقع أهل الغلام، وليساسفة.
وأبرز في هذا السياق، أن موقع طوما 1 يتوفر على المستوى “L” الذي يمتد على حوالي 1000 متر مربع، ويعتبر إلى حد الآن أقدم مستوى أركيولوجي بالمغرب والمؤرخ بأكثر من مليون سنة، وينتمي إلى ما يعرف بالطور القديم من الثقافة الحجرية الأشولية التي تتميز بالفؤوس الحجرية المعدلة من جهتين، وهو ما يشهد على قدم الاستيطان البشري بالمغرب.
من جهة أخرى، أكد أن موقع أهل الغلام يعتبر الموقع الأكثر ثراء على مستوى شمال إفريقيا في ما يخص بقايا الحيوانات، مشيرا إلى أن الموقع مكن من اكتشاف حوالي 70 صنفا من الحيوانات القديمة.
وفي ما يخص العصر الحجري القديم الأدنى، أبرز الباحث المغربي أنه لا يوجد إلى حدود اليوم دليل قاطع ومؤكد على هذا التواجد بالمغرب، مؤكدا ضرورة البحث عن مواقع أكثر دقة.
من جانب آخر، سلط محب الضوء على البحوث التي تم إجراؤها في الدار البيضاء، مبرزا في هذا السياق أن البحث الأول بدأ في الربع الأول من القرن العشرين واستمر حتى نهاية الخمسينيات.
وأضاف أنه بعد انقطاع دام 20 عاما (آخر البحوث تم إجراؤها بالدار البيضاء سنة 1958) تم استئناف الأبحاث الميدانية سنة 1978 في إطار التعاون المغربي الفرنسي في مجال الآثار، مبرزا أن هذا التعاون تلته شراكة لمدة 40 سنة توجت بمنشورات، وكتب، وأطروحات في هذا المجال.
وأبرز أن الإنسان القديم على مدى ملايين السنوات من التطور، كان قادرا على العيش والتأقلم والاهتمام بمحيطه الجديد، ومواجهة بشكل تدريجي التحديات الطبيعية، مبرزا قدرته على إنتاج الثقافة.
وأشار إلى أن عمل الباحثين في علم ما قبل التاريخ، يكمن في البحث وتحليل هذه الثقافة، من أجل تحديد المراحل والطرق والتسلسل الزمني لهذه العملية.
وبعد أن تأسف لفقدان العديد من المواقع التاريخية والأثرية بالدار البيضاء جراء التوسع الحضري، شدد على ضرورة العمل على تثمين والحفاظ على هذه الثروة الأثرية التي تمكننا من رصد تطور الحياة البشرية بالمغرب.
يشار إلى أن الباحث اعتمد خلال هذه الندوة على المعلومات التي تم الحصول عليها في إطار البرنامج المغربي الفرنسي “عصور ما قبل التاريخ بالدار البيضاء” الذي يجمع بين المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث التابع لوزارة الشباب والثقافة والتواصل، والبعثة الأثرية الفرنسية التابعة لوزارة أوروبا والشؤون الخارجية وجامعة بول فاليري مونبوليي 3.