مطعم “ريكس” فضاء للسفر إلى عوالم فيلم كازابلانكا الشهير
ويحاكي “ريكس” بتفاصيله كافة المطعم المتخيل الذي يحمل الاسم نفسه وشيد على بعد آلاف الكيلومترات داخل استديوهات “وارنر” في كاليفورنيا، حيت صورت جل مشاهد الفيلم الأسطوري الذي يحكي قصة حب جمعت ريك بلاين (همفري بوغارت) وإلسا لوند (انغريد برغمان)، في الدارالبيضاء.
وافتتح في العام 2004 بمبادرة من الدبلوماسية الأميركية السابقة في المغرب كاثي كريغر (التي توفيت في 2018)، ليصبح قبلة للسياح. وكانت إحدى عاشقات الفيلم الذي أخرجه ميكاييل كورتيز في العام 1942، ويصور أحداثا تدور في خضمّ الإنزال العسكري الأميركي بالدارالبيضاء خلال الحرب.
تقول ويندي لوكالة فرانس برس “كنت مصرة على أن آتي إلى هذا المكان رغم علمي أن الفيلم لم يصور هنا. الأجواء رائعة”.
وتضيف بحماسة “زيارة هذا المكان تجربة فريدة، نوستالجية ورومانسية، لا بد أن نعيشها ولو مرة في الحياة”.
لا يستقطب المطعم المعجبين بالفيلم فحسب بل صار من المعالم السياحية للعاصمة الاقتصادية للمغرب، حيث يزوره أيضا سياح لم يسبق أن شاهدوا الشريط السينمائي مثل الاسبانية ألكسندرا التي لا تخفي “انبهارها” به.
وتقول “تقترن الدارالبيضاء في مخيلتي بمطعم ريكس”.
روح الدارالبيضاء
يشعر الوافد على هذا الفضاء، المتكئ على أحد أسوار المدينة العتيقة المطلة على المحيط الأطلسي، وكأنه يلج زمنا آخر حيث درات أحداث الفيلم المتخيلة.
وقد تمت تهيئته داخل “رياض”، وهو عبارة عن بيت تقليدي من طبقتين تتخلله أعمدة تزينها نقوش بسيطة على طريقة المعمار المغربي.
ويقول مسيره عصام شبعة، وهو أيضا عازف بيانو، “الريكس عبارة عن نسخة مطابقة للأصل من المطعم الذي يظهر في الفيلم، إنه استنساخ مثالي لروح المكان”.
وتذكّر تفاصيل كثيرة بالفيلم المصور مثل الأباجورات المطرزة والأضواء الخافتة، وقطع من موسيقي الجاز والبلوز تعود لسنوات الثلاثينات والأربعينات، فضلا عن ملصقات إشهارية للفيلم.
كذلك يحضر البيانو الذي تعزف عليه كل مساء أغنية “أز تايم غو باي”، التي يؤديها أحد شخصيات الفيلم “سام”، الذي جسد دوره الموسيقي دولي ويلسون.
وسط كل هذه التفاصيل، “لا ينقص سوى لعبة الروليت في الكازينو ودخان السجائر وأجواء تلك الحقبة”، كما يقول السائح الإيرلندي طوني مازحا وقد جاء ليكتشف المكان مع رفيقته وزوج من أصدقائه.
ويضيف الرجل الستيني “طبع هذا الفيلم أجيالا عدة، ولم نسلم نحن أيضا من تأثيره”.
فيلم عابر للأزمنة
على الرغم من أن هؤلاء السياح الإيرلنديين ليسوا من عشاق السينما، إلا أنهم يحفظون مقاطع شهيرة من الفيلم عن ظهر قلب.
ويردد أحدهم العبارة الشهيرة “تبقى لنا باريس دائما”، في إحالة على مغامراتهما الغرامية في عاصمة الأنوار، قبل سقوطها بين أيدي النازيين في العام 1940.
يلقي بطل الفيلم ريك تلك العبارة في أذن حبيبته إلسا لحظة توديعها في مدرج مطار الدارالبيضاء، بعد أن فضل التضحية بحبهما لإنقاذ زوج عشيقته اليهودي الذي كان يطارده النازيون، حسب سيناريو الفيلم.
وتلخص المؤرخة الأميركية رميريديت هندلي رسالة الفليم في أن البطل يختار الاصطفاف في صف الحلفاء ضد النازيين، وهو “ما كان يتماشى تماما مع انتظارات الجمهور الأميركي حينها”.
واستفاد الفيلم من حدث سياسي تزامن مع عرضه للعموم في يناير 1943، وهو مشاركة الرئيس فرانكلين روزفلت في مؤتمر الدارالبيضاء الذي جمع قادة الحلفاء لتنسيق الحرب.
ولا تزال شعبيته وحضوره في المخيال الجماعي كبيرين إلى اليوم. فقد أضحى “جزءاً من تجربة الحرب الأميركية وصناعتها الثقافية” كما تضيف هندلي.
وهو أيضا “عابر للأزمنة سيبقى راسخا إلى الأبد”، كما يلخص الموسيقي نجيب سليم، وهو عازف في الفرقة الموسيقية لمطعم “ريكس” منذ 15 عاما.